ترك الكمبيوتر يعمل طول الوقت دون توقف، هل هو آمن ؟

هل الأفضل ترك الكمبيوتر يعمل طول الوقت حتى وإن لم تكن تستخدمه، أم إطفاءه هو الأفضل ؟. هذا السؤال لن يصبح من الماضي أبداً، و دائماً محور نقاش الوسط التقني و عالم الحواسيب. لحسن الحظ أن هناك اتجاهين مختلفين، ولك كامل الحرية في اختيار الاتجاه المناسب لك، بمعنى أن الأمر دائماً متوقف على طريقة استخدامك و عدد الساعات التي تقضيها على الكمبيوتر طوال اليوم. ولكن لكل اتجاه مميزات وعيوب، فلنتعرف عليها بالتفصيل.

من الأفضل ترك الحاسوب قيد التشغيل طول الوقت

أولاً، لديك سبب قوي جداً يدفعك إلى ترك الكمبيوتر يعمل طول الوقت، و الذي لا يقتصر على التخلص من فترة بدء تشغيل النظام في كل مرة ستعاود فيها تشغيل الحاسوب فحسب، و إنما يساعدك هذا في تعزيز أداء منظومة عمل الحاسوب بالكامل. بمعنى أنك تسعى وراء عامل الراحة و السرعة في آن واحد، و لن تنتظر حتى يتم تمهيد الجهاز في كل مرة، فهو دائماً جاهز على الانطلاق و تحت طوعك في أي لحظة تريدها. بطبيعة الحال يستغرق نظام الويندوز فترة زمنية قد تصل إلى 30 ثانية حتى ينتهي من مرحلة التمهيد و الدخول إلى شاشة الواجهة الرئيسية لسطح المكتب و تحميل التطبيقات، هذه الفترة تكون أثناء الاعتماد على حلول التخزين الصلبة SSD. بينما تمتد المدة الزمنية إلى 60 ثانية أثناء الاعتماد على أقراص تخزين HDD، و لكنها قد تصل إلى دقيقتين أو أكثر أثناء وجود عدد كبير من التطبيقات و البرامج التي يتم تحميلها في عملية البدء.

عدم إغلاق الكمبيوتر

و لذلك، ترك الكمبيوتر يعمل طول الوقت يحررك من الانتظار و المماطلة، خاصة إذا كنت تمتلك مواصفات فنية متواضعة أو هاردوير قديم. من أجل إيقاظ الكمبيوتر من وضع السكون، فلن يستغرق بضعة ثوانِ، و حينها ستكون جميع برامج أعمالك جاهزة للتشغيل أو لاستكمال أعمالك عليها دون أدنى مشكلة.
ترك الحاسوب يعمل طوال الليل له فوائد أو مميزات كثيرة، فهو سيهتم بتنزيل جميع التحديثات من تلقاء نفسه، و التي تستغرق عادة وقت طويل للتنزيل و للتثبيت. أيضاً يمكنك الاستفادة من الفترات الليلية في نقل الملفات الضخمة من مجلد إلى آخر أو رفع ملفاتك إلى الخدمات السحابية. فهذا النوع من الأعمال تستنفذ موارد الهاردوير و التي تشتمل على سرعة الإنترنت و المعالج المركزي و قرص التخزين. فإذا حاولت تنفيذ هذه العمليات في فترات النهار أثناء استخدامك للكمبيوتر، فستعاني من تباطؤ الكمبيوتر و الخنق الذي يصيب النطاق الترددي لسرعة الإنترنت. وربما لن تتمكن من تشغيل برامج أعمالك الضرورية أو التسلية في بعض الألعاب. ناهيك عن عمليات فحص الفيروسات التي تتطلب فترات زمنية طويلة و تستنزف موارد الهاردوير بشكل ملحوظ. كذلك و يمكنك الانتهاء من عمليات الرندرة المكثفة أثناء نومك. فجميع هذه الأعمال الشاقة تشكل عبء على موارد الهاردوير و تجعلك غير قادر على استخدام الكمبيوتر بحرية في فترات النهار، و هو ما قد يتسبب في تأخير إنجازك لبقية أعمالك الأخرى.

الأولويات لأصحاب الأعمال

أمر آخر مهم و قد يكون من أهم الأولويات لأصحاب الأعمال الذين يكونون في حاجة للوصول إلى حواسيبهم المكتبية و هم في مكاتبهم الوظيفية. فإذا كان الكمبيوتر يعمل طوال الوقت، ستتمكن من الوصول إلى محتويات حاسوبك عن بُعد باستخدام هاتفك بمساعدة بعض البرامج و التي تتيح المصادقة بين جهازين أو أكثر. دون ذلك، ستحتاج أن تطلب من أحد أفراد أسرتك تشغيل الكمبيوتر ثم تشغيل برنامج المصادقة عن بعد مثل TeamViewer أو Chrome Remote Desktop أو AnyDesk ثم ربط الجهازين ببعضهما ثم تبدأ بعدها باسترداد الملفات التي تحتاج إليها، و كل هذا إذا افترضنا أن هناك شخص بالمنزل يستطيع أن يسعفك و يساعدك في هذا الشأن. لكن تخيل النتيجة إذا كان الكمبيوتر في منزلك قيد التشغيل طوال الوقت، حينها لن تنتظر مساعدة من أي شخص، و ستتمكن من الوصول إلى ملفاتك و استردادها في ثوانِ معدودة.

من الأفضل إغلاق الحاسوب طالما لا تستخدمه

قد يدور في ذهنك هذا التساؤل، هل من الممكن أن يتضرر الكمبيوتر من جراء التشغيل المتواصل ؟، في الحقيقة هناك أسباب منطقية و مقنعة تدفعك لإغلاق الحاسوب طالما لا تستخدمه. من الطبيعي أن أي قطعة هاردوير لديها فترة عمرية تقديرية و بعدها فهي معرضة للتلف، هذه الفترات الافتراضية تكون طويلة جداً و مقدرة بآلاف ساعات العمل المتواصل التي قد تتراوح قيمتها بين عام إلى عامين أو أكثر من التشغيل المتواصل. على الرغم من ذلك هناك بعض المكونات التي تكون عرضة للتلف أسرع من غيرها أو معرضة لهبوط كفاءتها بمرور الوقت و مع كثرة الاستخدام مثل بطارية اللابتوب. فإذا كنت تغلق الحاسوب أثناء عدم استخدامه، فأنت بهذا الشكل تساعد على زيادة فتراته العمرية التقديرية.

الجانب السلبي

الجانب السلبي الآخر هو أنك تهدر المزيد من الطاقة دون فائدة حقيقية. و هنا الأمر متوقف حسب نوع الجهاز و مواصفات الهاردوير التي يحتويها جهازك الشخصي. اللابتوب مصدر هدر للكهرباء أقل كثيراً من حاسوب سطح المكتب، و بهذا الشكل فهو موفر جداً للطاقة و لن يتسبب في زيادة ملحوظة بفواتير الكهرباء. بينما حواسيب سطح المكتب تستهلك كميات طائلة من الطاقة. و لكن لحسن الحظ أنه بمجرد دخولها في مرحلة الخمول، ستهبط نسبة الاستهلاك بشكل كامل، و إطفاء الشاشة سيساعد أيضاً على توفير أكثر في الطاقة المستهلكة. في نفس الوقت بمجرد عودتك لإيقاظ الحاسوب و تشغيل الشاشة، فلن يتطلب الأمر إلا عدة ثوانِ و ستستكمل أعمالك ببساطة. الجانب السلبي الوحيد لوضع الخمول هو أنك لن تستطيع الوصول إلى الحاسوب عن بعد. أيضاً وجب التنويه على أن إغلاق الحاسوب مع ترك كابل الكهرباء في مقبس جدار الحائط يستنفذ نسبة من التيار الكهربائي حتى و إن كانت قليلة، و لذلك إذا كنت تبحث عن توفير نفقات الكهرباء بأفضل شكل ممكن، فمن الضروري إزالة كابل الكهرباء من جدار الحائط.

الميزة الإضافية

الميزة الإضافية في إغلاق الكمبيوتر أثناء عدم استخدامه هي أنك ستكون مطمئن إذا حدث انقطاع مفاجئ في التيار الكهربائي أو حدوث خلل وظيفي في الحاسوب يتسبب له في إعادة التشغيل من تلقاء نفسه و جميع المشاكل التي تحتاج إلى تدخل يدوي. و لذلك ترك الحاسوب يعمل و أنت بعيد عنه أو أثناء نومك قد يكون عُرضة لبعض المخاطر المحتملة و الغير متوقعة. و لذلك إغلاق الحاسوب قد يكون فكرة جيدة و أنت بعيداً عنه لأنك ستكون مطمئناً من عدم عبث الآخرين و عدم حدوث أي تلفيات أو مشاكل خطيرة.

بث الروح من جديد في منظومة عمل الكمبيوتر

أيضاً لن ننسى أن إعادة تشغيل الكمبيوتر بمثابة بث الروح من جديد في منظومة عمل الكمبيوتر، و التي قد تساعد في عديد من الأحوال على التخلص من مشاكل و أعطاب كثيرة قد تكون مرتبطة بنظام عمل بعض البرامج أو عمليات إدارة نظام التشغيل. و لذلك قد تفاجئ في اليوم التالي أثناء تشغيل الكمبيوتر من جديد اختفاء بعض المشاكل التي كانت تواجهك بالأمس. بالتأكيد الفضل يعود لنظام الويندوز و تطوير البرامج التي تعمل على إعادة تهيئة نفسها و التخلص من السجلات التالفة التي يتم تخزينها بالذاكرة عند معاودة تشغيل الكمبيوتر.
إغلاق الكمبيوتر في الليل يوفر لك عامل الهدوء و الذي يساعد بشكل كبير على راحتك و الاسترخاء و الاستمتاع بنوم عميق. بالتأكيد يمكنك كبت صوت الكمبيوتر المكتبي أو اللابتوب، و لكن الكمبيوتر المكتبي لديه مراوح تعمل طيلة الوقت و قد يكون صوتها مرتفع وفقاً لدرجات الحرارة و الأعمال التي جدولتها بنفسك على التنفيذ أثناء نومك. أيضاً صوت أقراص التخزين الميكانيكية قد تكون مزعجة أحياناً نتيجة نقرات إبرة الكتابة و القراءة و دوران محرك المروحة. هذه لن تكون بمثابة مشكلة بالنسبة للحواسيب المحمولة التي تحتوي على وحدات التخزين الصلبة.

و الآن، أي الأمرين أفضل بالنسبة لك ؟

بكل تأكيد يمكنك ترك الكمبيوتر يعمل طوال الوقت دون توقف، العديد من الخوادم و محطات العمل تعمل على مدار اليوم 24/7 دون انقطاع. و لكن لن ننسى أن الخوادم مُهيأة على تأدية المهام و هي في هذه الحالة، و لكن هذا لا يعني أن الحواسيب الشخصية غير قادرة على الأمر ذاته، بالعكس، بعض الحواسيب الشخصية قادرة على إنجاز المهمة، بل و حتى أفضل من الخوادم، نظراً لأساليب التبريد الحديثة التي نهتم بشرائها، و مكونات و عتاد الهاردوير عالي الجودة. الميزة الوحيدة في الخوادم هي ذاكرة الوصول العشوائي ECC التي لا تتطلب إعادة تشغيل الكمبيوتر بين كل حين و الآخر.

النهاية

الحواسيب الشخصية المكتبية و المحمولة لديها القدرة على تشتيت درجات حرارتها المرتفعة بصورة نموذجية، و عتاد الهاردوير و المكونات الدقيقة من مكثفات و ترانزستور و دوائر كهربائية قادرة على الاستمرارية أثناء تشغيلها بصورة متواصلة لآلاف الساعات دون انقطاع. و لذلك، لا داعي من تشغيل و إغلاق و تشغيل و إغلاق الكمبيوتر عدة مرات متتالية خلال اليوم، يمكنك تركه يعمل طوال اليوم دون أدنى مشكلة طالما أنك مطمئن أن درجات حرارته طبيعية و في الحدود المسموحة، كما و يمكنك أن تمنحه صلاحية تنفيذ بعض الأعمال أثناء الليل، مثل فحص الفيروسات أو رفع الملفات إلى السحابة أو أرشفة ملفاتك الجديدة على الهاردسك الاحتياطي أو لتنفيذ بعض أعمال الرندرة و النمذجة ثلاثية الأبعاد المكثفة.
في نفس الوقت قد تكون فكرة جيدة أن تمنحه القليل من الراحة لكي يبرد بشكل صحيح، ارتفاع درجات الحرارة و العمل المتواصل سيتسبب في تسريع عجلة الفترة العمرية التقديرية لمكونات الهاردوير. صرحت انفيديا (NVidia) سابقاً أن تشغيل البطاقات الرسومية بصورة طبيعية قد يجعلها قادرة على المواصلة أكثر من 5 أعوام، بينما تشغيلها بصورة مستمرة دون إنقطاع و تحت جهد شاق مثل عمليات التعدين يسلب من عمرها ثلاثة سنوات على أقل تقدير. و لكن بغض النظر عن الإحصائيات، فالأمر متوقف على احتياجاتك و شكل استخداماتك. فإذا كانت لديك العديد من الأعمال، يمكنك مواصلة ترك الكمبيوتر يعمل طول الوقت دون أدنى مشكلة. و لا يوجد مانع أن تترك مكونات الهاردوير تبرد لعدة ساعات من جراء تشغيل دام لعدة أيام متواصلة. في النهاية، لك مطلق الحرية في أي الأمرين ستختار.

1 thoughts on “ترك الكمبيوتر يعمل طول الوقت دون توقف، هل هو آمن ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *